مفسدات الصيـام
1 ـ الأكل والشرب في نهار رمضان لقوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ مِنَ الفَجرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيلِ)
فمن أكل أو شرب في نهار رمضان مختارًا عامدًا ذاكرًا لصومه من غير عذر فقد فعل إثمًا مبينًا، وارتكب جرمًا عظيمًا، وفسد صومه.
2 ـ الجِماع لقوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُم لَيلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُم) والرفث: الجِماع.
وفي حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن أعرابيًّا جاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: هلَكتُ قال: "وما أهلكَك"؟ قال: وقعتُ على امرأتي في رمضان، قال: "هل تجد ما تعتق رقبة؟" قال: لا. قال: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟" قال: لا. قال: "فهل تجد ما تطعم ستين مسكينًا؟" قال: لا. ثم جلس فأُتي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعرق فيه تمر فقال: "تصدَّق بهذا.." الحديث . وهو أكبر مفسدات الصيام وأشدها عقوبة.
3 ـ وصول شيء إلى الجوف عن طريق الفم والأنف.
4 ـ تعمد التقيؤ؛ فمن استقاء أي استفرغ ما في معدته من الطعام عمدًا فقد أفطر.
5 ـ إخراج المني بفعله.
6 ـ الحجامة: وهي إخراج الدم من الجسد بآلة خاصة، ويفطر بها الحاجم والمحجوم؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "أفطر الحاجم والمحجوم"
حكم من فعل شيئًا من هذه المفسدات
1 ـ من فعل شيئًا من المفطرات السابقة ناسيًا أو جاهلاً أو بغير قصد فصيامه صحيح؛ لقوله تعالى: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخطَأنَا) ، وقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم: "مَن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتمّ صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه"، فمن أكل أو شرب ناسيًا فصومه صحيح.
2 ـ من فعل شيئًا من هذه المفطرات مختارًا عالمًا ذاكرًا من غير رخصة شرعية فقد فسد صومه، وأثِم بفعله، وعليه التوبة إلى الله وقضاء الصوم. وإن كان بجماع فعليه مع ذلك الكفارة، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا.
استخدام الإبر للصائم
الإبر نوعان هما:
1 ـ الإبر التي تغذي الجسم، وهذه تفطر؛ لأنها بمعنى الأكل والشرب.
2 ـ الإبر غير المغذية، مثل: إبر البنسلين ونحوها، وهذه لا يفطر بها الصائم؛ لأنها ليست أكلاً ولا شربًا ولا بمعناهما.
استخدام البخار
يستخدم البخار لمن عندهم ضيق في التنفس من أجل توسيع الشعب الهوائية في الرئتين أو ترطيبها، ولا يفطر به الصائم إذا فعله أثناء النهار، لكن الأولى اجتنابه إن أمكن تأجيله إلى الليل.
سحْب الدم
لسحب الدم حالتان:
1 ـ إذا كان الدم المسحوب من الصائم كثيرًا؛ مثل الدم الذي يحصل به التبرع فإنه يفطر؛ لأنه يؤثر على البدن مثل الحجامة، والحجامة من المفطرات.
ولا يجوز للصائم أن يتبرع بالدم في نهار رمضان إلا لضرورة.
2 ـ إذا كان الدم المأخوذ من الصائم قليلاً، مثل سحب الدم للتحليل بإبرة واحدة ونحوها، فلا يضرّ ولا يفطر به الصائم.
حقن الدم
إذا حُقن الدم في الصائم، مثل أن يحصل معه نزيف فيحقَن به دم؛ فإنه يفطر بذلك؛ لأن الدم هو خلاصة الغذاء.
من أفطر شاكًّا في غروب الشمس
لا يجوز للصائم أن يفطر إلا إذا تأكد من غروب الشمس؛ لقوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ مِنَ الفَجرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيلِ) ، فلو أفطر وهو شاكٌّ في غروب الشمس ثم تبين له أنها لم تغرب حين فطره فإنه يقضي ذلك اليوم؛ لأن الأصل بقاء النهار.
وإن أكل أو شرب وهو شاكّ هل طلع الفجر أو لا، فصيامه صحيح؛ لأن الأصل بقاء الليل.
قضـاء صـوم رمضـان
حكمه
يجب على مَن أفطر في نهار رمضان </a>بعذر أو بغير عذر، أن يقضي الأيام التي أفطر فيها، إلا إن كان عاجزًا عن الصيام.
ويستحب أن يبادر إلى قضاء الصوم، وأن تكون الأيام متتابعة إذا كان عليه أكثر من يوم، ويجوز تفريقها.
تأخير القضاء
للمفطر أن يؤخر القضاء إلى ما قبل رمضان لآخر؛ لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: "كان يكون عليَّ صيام من شهر رمضان فما أقضيه حتى يجيء شعبان"
فإن أخّره إلى رمضان خر لعذر، فلا إثم عليه ويجب عليه القضاء فقط، وإن أخّره حتى أدركه رمضان الآخر لغير عذر، فإنه يحرم عليه ذلك، وعليه التوبة وأن يقضي ويطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع من قوت البلد.
حكم من ترك القضاء حتى مات
من ترك القضاء حتى مات فإن كان لعذر فلا شيء عليه؛ لأنه لم يفرِّط، وإن كان لغير عذر؛ فإنه يُطْعَم عنه لكل يوم مسكينًا واحدًا.
حكم صوم التطوع لمن عليه قضاء
من كان عليه قضاء من رمضان فإنه يبدأ بالقضاء قبل التطوع؛ لأن الفرض مقدم. لكن لو صام تطوعًا قبل أن يقضي جاز له ذلك، خاصة إذا كان الصوم مما له فضيلة تفوت، كيوم العاشر من محرم، ويوم عرفة وغيرهما؛ لأن وقت القضاء موسع.
أولاً: ما يحرم صومه
1 ـ يحرم صوم يومي العيدين؛ لحديث أبي سعيد رضي الله عنه: "أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن صيام يومين: يوم الفطر يوم النحر"
2 ـ يحرم صيام أيام التشريق، وهي ثلاثة أيام بعد يوم عيد الأضحى؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذِكْر لله"
ولكن الحاجّ إذا كان متمتعًا أو قارنًا ولم يجد الهدي، فإنه يجوز له صيامها، لقوله تعالى: (فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ) .
3 ـ يحرم صيام يوم الشك، وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا كانت ليلته ليلة غيم أو غبار يحول دون رؤية الهلال؛ لقول عمار رضي الله عنه: "من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم"
ثانيًا: ما يُكره صومه
1 ـ يكره إفراد شهر رجب بالصوم؛ لأن من شعار الجاهلية تعظيم شهر رجب، وفي صيامه إحياء لشعارهم.
2 ـ يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم للنهي عن ذلك؛ إلا إن كان يوافق عادة له في صيامه فلا يكره.
3 ـ يكره الوصال، وهو أن يصل صيام يوم باليوم الذي بعده، ولا يفطر بينهما؛ لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن الوصال، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: "نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الوصال..."
ليلـة القـدْر
مكانتها وفضلها
ليلة القدر ليلة شريفة مباركة معظمة مفضلة، وهي أفضل الليالي، قال الله تعالى فيها: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) ؛ أي: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة قدْر. وقال صلى الله عليه وسلم: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تَقدَّم من ذنبه" .
سبب تسميتها بذلك
سميت ليلة القدر بذلك؛ لأنه يقدَّر فيها ما يكون في تلك السنة من الخير والأرزاق والآجال والمصائب وغيرها، أو لِعِظَم قدْرها عند الله عز وجل.
عدم تحديدها والحكمة منه
ينبغي تحري ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وفي أوتاره آكَد، وهي متنقلة بين الليالي، فقد تكون في سنة ليلة إحدى وعشرين، وقد تكون في سنة ليلة سبع وعشرين، وهكذا. وقد جاء في الحديث أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "التمسوها في العشر الأواخر في كل وتر" (3).
والحكمة من إخفائها: ليجتهد العباد في طلبها، ويَجِدُّوا في العبادة طمعًا في إدراكها، فتكون هذه الليالي، كلها ليالي اجتهاد وطاعة.
ما يُسْتَحبّ فيها
يستحب فيها الإكثار من الطاعات ولا سيما الدعاء؛ لأن الدعاء فيها مستجاب، ويقول فيها ما ورد: "اللهم إنك عفوّ تحب العفو فاعفُ عني" ويذكر حاجته فيما يدعو به، ويكثر المسلم فيها من الاستغفار والتوبة وقيام الليل.
مستحبّـات الصّيـام
مما يستحب في الصيام
1 ـ الإكثار من العبادات بأنواعها، كقراءة القرآن، وذكر الله، وصلاة التراويح، وقيام الليل، والصدقة، وكثرة الإنفاق، والبذل في سبل الخير، فإن الحسنات في مضاعفة.
2 ـ حفظ اللسان عن كثرة الكلام وكفّه عما يُكْرَه، فإن شتمه أحد سُنّ له أن يقول جهرًا: "إني صائم"؛ لحديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: "إذا كان صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم" .
3 ـ يُسَنّ للصائم أن يتسحر لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم: "تسحَّروا فإن في السحور بركة".
4 ـ يُسَنّ للصائم أن يؤخر سحوره، ويعجل فطره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الناسُ بخير ما عجّلوا الفِطر"
5 ـ يُسَنّ للصائم أن يفطر على رطب، فإن لم يجد فعلى تمر، فإن لم يجد فعلى ماء.
6 ـ يُسَنّ أن يقول عند فطره: "ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله" ويكثر من الدعاء حينئذ؛ فإن للصائم عند فطره دعوة لا ترد.
7 ـ يُسَنّ تفطير الصائم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من فَطّر صائمًا فله مثل أجره، من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء"
مما يكره للصائم أثناء صومه ما يلي:
1 ـ جمع ريقه وبلعه.
2 ـ المبالغة في المضمضة والاستنشاق؛ حتى لا يصل الماء إلى جوفه، وفي الحديث: "وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا
ما يشتد تحريمه على الصائم
يحرم على الصائم وغير الصائم الكذب والغيبة والشتم والفحش، والتحريم في حق الصائم أكبر؛ لأنه في وقت فاضل. وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من لم يَدَعْ قولَ الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" .