كَانتْ " أم حسان " - رحمها الله - مُجتهِدة فدخلْ عليهاَ " سُفيان الثَوري " فلم يرَ في بيتها غَير قَطعة حَصير .
فقال لها :
لو كَتبتِ رِقعَة إلى بعضَ بنِي أعمَامكِ لِيغيروا منْ سُوء حالك .
فقالت:
ياسُفيان لقد كُنتْ في عيني أعظمْ,وفي قلبي أكبرْ من ساعتك هذه,
أما إني لم أسألُ الدُنيا مَنْ يملِكُها فكيف أسأل من لايملكها ؟
ياسٌفيان:
والله ماأحبُ أنْ يأتي علي وقتٌ وأنا مُتشاغله فيه عن الله بِغير الله
فَ بكَى سُفيان .
هِي زاهده كشفتْ لنا عن قلبها الروحاني ونفسيتها الإيمانية حِينَ قالت:
( والله ماأحبُ أنْ يأتي علي وقتٌ وأنا مُتشاغله فيه عن الله بِغير الله )
فهي إذنْ دائمة الاشتغال بالله تعالى إما بصلاة أو بِصوم أو بذكر أو بطلبْ عِلم
.
.
.
.
ضربت أم حبيبة رضي الله عنها أروع الأمثلة في الحب لله والبغض لله ، فعندما قدم أبوها أبو سفيان بن حرب المدينة جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يريد غزو مكة فكلمه أن يزيد في هدنة الحديبية ، فلم يقبل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقام فدخل على ابنته أم حبيبة ، فلما جاء ليجلس على فراش النبي - صلى الله عليه وسلم - طوته دونه فقال : يا بنية أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه ؟ فقالت : بل هو فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنت امرؤ نجس مشرك ، فقال : يا بنية لقد أصابك بعدي شر أي نعم فما كان لعدو الله أن يجلس على فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
.
.
.
كانت أم المؤمنين صفية بنت حيي عاقلة حليمة فاضلة، كانت لها جارية أتت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقالت: إن صفية تحب السبت، وتصل اليهود.فبعث عمر يسألها، فقالت: أما السبت، فلم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة؛ وأما اليهود، فإن لي فيهم رحما، فأنا أصلها.
ثم قالت للجارية: ما حملك على ما صنعت؟ قالت: الشيطان. قالت: فاذهبي، فأنت حرة.
.
.
.
كَانتْ لِ علي بنْ أبي طالب - رضي الله عنه - جاريه صبيحة الوجه*,وكانتْ كُلما ذهبتْ في شأنْ مِنْ شُئونْ الإمامْ على طَارِحها الهوى , أحد الشباب فَتمُرْ بقولِهِ مُرورْ الكِرامْ على لغُو الكلام وأسرفَ الفتى في إعتراضْ طريقها,
وهي تسمعُ منه ماربُما أيقظ هَواها,ولكنها كَانتْ تعَظم عاطفتها حتىَ قصّت الأمرُ على عَلي - رضي الله عنه -
فأراد أن يعَرِفْ هل هُو طالبْ شهوةٍ أم هُو راغبٌ زواج ؟
فقال لها: إذا فتحدَثكِ بما حَدثكِ بِهِ منْ قبلْ فأظهِري لهُ مُوافقه وإستجابه ثُمْ إنظري ماذا يفعل
وقال ماكانْ يقول قالت لهُ: إني أجدْ ماتجدْ فقال: إذنْ فأصبُري وأصبُرْ
حتى يَجمًعُ الله بيننا .
وعَادتْ الجاريه تُخبر الإمام بمقالة الرجُلْ فَعملْ منْ فورهِ على زوَاجها مِنهُ .
( إنها العِفه التَي كظمتْ بها الجاريه شُجُونها وهي كذلك العفه التي قال الرجل: إصبري وأصبر.
.
.
.
اشتهر عن الصحابيات، وأمهات المؤمنين، الجود والكرم.
فقد كانت زينب بنت جحش رضي الله عنها، صالحة، صوامة ، قوَّامة ، بارَّة ، ويقال لها : أم المساكين، كريمة النفس ، كل ما تصنع بيدها تتصدق به على المساكين.
وقد وصفها النبي - صلى الله عليه وسلم - بطول اليد كناية عن كثرة إنفاقها في سبيل الله عز وجل .
.
.
وقالت عائشة حين بلغها نعي زينب : لقد ذهبت حميدة متعبدة مفزع اليتامى والأرامل.
توفيت زينب بنت جحش رضي الله عنها سنة عشرين من الهجرة ، وقالت حين حضرتها الوفاة : إني قد أعددت كفني ، ولعل عمر سيبعث إليَّ بكفن ، فإن بعث بكفن فتصدقوا به بأحدهما ، إن استطعتم إذا دليتموني أن تصدقوا بحقوي - إزاري - فافعلوا .
الله أكبر ما أكرمها، وهي على فراش الموت لم تنسى الصدقة، فالله أسأل أن يرزق نسائنا الكريمات الاقتدء بها وبأمثالها
.
..
وهذه عائشة رضي الله عنها، بُعِث إليها، بمال في وعاءين كبيرين من الخيش: ثمانين أو مائة ألف، فدعت بطبق وهى يومئذ صائمة، فجلست تقسم بين الناس، فأمست وما عندها من ذلك المال درهم، فلما أمست قالت: يا جارية هلمى إفطاري، فجاءتها بخبز وزيت، فقالت لها أم درة: أما استطعت مما قسمت اليوم أن تشترى لنا لحما بدرهم فنفطر به. فقالت: لا تعنفيني، لو كنت ذكرتينى لفعلت.
.
.
.
كانت فاطمة رضي الله عنها بنت محمد صلى الله عليه وسلم، تتحمل الفقر ، وتكابد صعوبة الحياة ، وكانت في شدة العناء وشظف العيش .
اشتكت ما تلقى من الرحى في يدها وأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - سبي فانطلقت فلم تجده ولقيت عائشة فأخبرتها فلما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته عائشة بمجيء فاطمة إليها ،تقول فاطمة رضي الله عنها : فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلينا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "على مكانكما" ، فقعد بيننا حتى وجدت برد قدمه على صدري ، ثم قال : "ألا أعلمكما خيرا مما سألتما إذا أخذتما مضاجعكما أن تكبرا الله أربعا وثلاثين وتسبحاه ثلاثا وثلاثين وتحمداه ثلاث وثلاثين فهو خير لكما من خادم".
هذه بنت خير البشر، تعجن الرحى، وتعمل بيديها، لقد ضربت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، أروع الأمثلة في التواضع، وحسن الخلق.